رحل عنا الشهيد مهند المهند، السيف المسلول في درب الحق، الأخ والصديق والحبيب الذي جمعنا به حديث طويل وسمر ممتد في حب الجهاد والإيمان بأن طريق الجنة محفوف بالمكاره. كان دائم القول إن أعظم تلك المكاره هو التعلق بالحياة وزخارفها؛ فالدنيا بزيفها تخدع وتغري، بينما الموت ساعة مكتوبة عند عرش الرحمن، لا يقدمها حرص ولا يؤخرها جبن.
كلما جلست إليه وجدته مبتسمًا، يتحدث عن الجنة حديث الواثق، كأنها وعد قريب يترقبه بشوق. لم يكن الموت يخيفه، بل كان يبحث عنه بكرامة، مؤمنًا أن في طلبه حياةً أعز وأسمى.
مضى مهند إلى الخلود، وإلى جانبه جوازه الدبلوماسي الذي لم يكن في نظره سوى حصن المسلم في زمنٍ تاهت فيه المبادئ. استكثره عليه البعض حسدًا أو كرهًا، لكن مهند ظل ثابتًا على قناعاته، متمسكًا بما حمله من قيم ومبادئ حتى آخر لحظة.
هكذا هي سنة الحياة: الموت طريق الجميع. غير أن الفارق بين من يرحل وهو يحمل جواز سفر إلى الجنة، وبين من يبيع وطنه ودينه بدراهم معدودة، فيكون مجرد أداة في مشروع يهوّد أرض المسلمين ويهدر كرامة الأمة.
نم قرير العين يا مهند، فقد مضيت في دربك الذي اخترته، وبقيت لنا ذكرى صافية بأن الخلود الحق هو في حب الله ورسوله، وفي حياة تجمعنا بالأنبياء والشهداء والصديقين.
رحمك الله رحمة واسعة، وألحقنا بك في الصالحين.