30.3 C
Port Sudan
الإثنين, أكتوبر 27, 2025

مرفأ الكلمات.. عثمان عولي.. خفايا مملكة العيون



بعد عودتي إلى السودان لفت انتباهي انتشار كثيف لمخيمات العيون، حتى كادت أن تصبح مشهداً يومياً في مختلف الولايات. وباعتباري قريباً من هذا الملف – كوني عضواً في مجلس أمناء منظمة عولي لطب وجراحة العيون، وشقيقي الأكبر المدير العام لها – وجدت نفسي أمام تساؤلات عديدة طافت بخاطري وحملتها إليه في جلسة ودية.
من خلال النقاش تبيّن لي أن ثمة خلطاً واضحاً بين أدوار مراكز البصريات والمنظمات الطوعية ومستشفيات العيون. فمراكز البصريات، رغم امتلاكها رخصة مزاولة، ليست مخوّلة قانونياً لإقامة المخيمات البصرية. تلك من صميم عمل المنظمات التي يجب أن تستوفي شروطاً محددة تضعها وزارة الصحة، تشمل وجود أخصائي عيون وأخصائي بصريات، إضافة إلى شراكات مع مستشفيات معتمدة لتحويل الحالات المستعصية لإجراء العمليات والتدخلات الجراحية. وهذا ما يُعرف ببرامج الكشف المبكر التي تعتمد على التكامل بين المنظمات والمستشفيات.
لكن الواقع مختلف: هناك مخيمات تُقام بأيدٍ غير مؤهلة، يقودها طلاب لم يكملوا دراستهم بعد، أو خريجون بلا شهادات مزاولة. وهنا تكمن الخطورة، إذ لا يمكن تقديم خدمة بصرية آمنة دون تدريب عملي تحت إشراف مراكز متخصصة وخبرات راسخة.
لسنا ضد عمل المنظمات، بل نحن من أشد الداعمين له، لكننا ضد الفوضى. ضد أن يتحول العمل الإنساني إلى تجارة تدر أموالاً على حساب صحة الناس وأبصارهم. وقد ثبت بالفعل أن بعض هذه المخيمات تستغل البسطاء، فتبيع لهم نظارات لا تناسب مقاساتهم، وربما تسببت في مضاعفات تصل إلى فقدان البصر.
إننا نطالب وزارة الصحة بإحكام سيطرتها على هذا الملف، عبر وضع لوائح واضحة وضبط صارم، حتى يستمر العمل الطوعي في صورته الحقيقية: خدمة إنسانية راقية، بعيدة عن الاستغلال والتلاعب. فمملكة العيون تستحق أن تُدار بضمير وبعلم، لا بفوضى ومصالح ضيقة.

أخبار اليوم
اخبار تهمك أيضا