يظل الجيش السوداني منذ نشأته الأولى في قوة دفاع السودان، وحتى اليوم، عنواناً للصمود والفداء، ورمزاً للعزة الوطنية. فكل الحروب والمعارك التي خاضها داخل وخارج الوطن، شكّلت سجلاً ناصعاً من البطولات، أكدت أن هذا الجيش العظيم لا يُهزم ما دام يستمد عزيمته من شعبه، ويقاتل بعقيدة راسخة لا تلين.
لقد تلاحمت المؤسسة العسكرية مع الشعب عبر المقاومة الشعبية، وقوات البراء بن مالك، والعمل الخاص، والخلايا الأمنية، حتى صار المشهد صورة واحدة: شعب واحد.. جيش واحد. فالجيش من رحم هذا الشعب، وهو الحامي والدرع الواقي لأرضه وعرضه.
غير أن خطأً متكرراً ظل يتسرب إلى حياتنا اليومية، حين نحاول في تعليمنا أو خطابنا الإعلامي فصل الجيش عن المجتمع، وكأنه كيان وافد من كوكب آخر، لا يمت لنا بصلة. بينما الحقيقة أنه أبناؤنا وإخواننا وآباؤنا، هم الذين نشهد لهم بالانضباط والشجاعة والوفاء، وهم الذين يعيشون بيننا بصفات البسالة والإقدام، يفدون الوطن بأرواحهم ويذودون عنه بدمائهم.
في عيد الجيش، ونحن نحيي جنودنا البواسل، لا ننسى الشهداء الذين ارتقوا، ولا الجرحى الذين سطروا بأجسادهم معاني التضحية، فيما يقف رفاقهم اليوم سدّاً منيعاً أمام أطماع الخارج وعملاء الداخل الذين يسعون لتشويه صورة جيشنا عبر دعايات بائسة؛ فتارة يصفونه بـ”جيش الكوزنة”، وتارة يوسمونه بالإرهاب، أو يحيكون الأكاذيب حول ارتباطه بتجارة المخدرات. لكن الحق يعلو ولا يُعلى عليه، وقد سقطت الأقنعة وانكشفت المؤامرات.
إن الجيش السوداني يقاتل بشرف، ويصادق بأدب، ويقود صفوفه من الأمام، متجرداً للوطن، واضعاً كل من يحمل السلاح دفاعاً عن السودان تحت راية القوات المسلحة. ورغم أن خصومه كُثر، وألوان عداواتهم متعددة، إلا أن التفاف الشعب حوله جعله عصياً على الكسر.
واليوم، وفي عيد الجيش، نقول بثقة:
هذا الجيش سيبقى حصناً للوطن، وسيظل سنداً للشعب، جيشاً لا يُقهر، تحرسه دماء الشهداء، وتعضده عزيمة الأوفياء، ويقف خلفه شعبٌ عظيم يردد معه: جيش واحد.. شعب واحد.