30.7 C
Port Sudan
الأربعاء, سبتمبر 10, 2025

مرفأ الكلمات.. عثمان عولي.. رسالة في بريد والي الجزيرة: الأسواق بين جشع التجار وتحديات الدولة


في قلب ولاية الجزيرة، وتحديدًا بمدينة ود مدني، ينبض سوقٌ لا يشبه الأسواق. لا قواعد تضبطه، ولا رقابة تُلجمه، ولا صوت للمستهلك فيه. كل ما فيه يصرخ بفوضى الأسعار، وتلاعب التجار، وغياب الجهات الرقابية، وكأن المواطن بات رهينة لحيتان السوق وتجار الأزمات الذين يبيعون الضرورة بلسان الطمع، ويرفعون الأسعار بلا مبرر سوى غياب الدولة.

هذه رسالة مفتوحة إلى والي الجزيرة، الدكتور إسماعيل عوض الله العاقب:
هل من الممكن أن يُدار السوق بقرارات دون آليات؟ وهل تكفي النوايا الحسنة لحماية جيوب المواطنين من سكاكين الجشع؟

لا أحد يُنكر أن هناك محاولات جادة صدرت من حكومتكم، أبرزها:

إيقاف الرسوم المحلية المفروضة على السلع الاستراتيجية.

إعادة الشركة السودانية للسلع الاستراتيجية للعمل.

الحديث عن ضبط الأسواق ومنع تسرب المواد الأساسية خارج الولاية.

لكن ما يحدث على أرض الواقع يروي قصة أخرى. الأسواق تمضي في طريقها نحو انفلات كامل. والزيادات تطرق أبواب السلع كل صباح، بلا تفسير اقتصادي واضح، سوى أن الجشع بات مشرعنًا في غياب الرقابة، وأن حماية المستهلك صارت “هيئة بلا أظافر”.

المواطن اليوم لا يسأل عن جودة البضاعة، بل عن القدرة على الشراء. لم تعد الأولوية للماركات ولا للصلاحية، بل للحد الأدنى من البقاء. في مشهد كهذا، تصبح التدخلات الحكومية ضرورة وجودية، لا مجرد سياسات.

المطلوب يا والي الجزيرة ليس إعلان القرارات، بل تفعيلها.
فهل هناك خط ساخن فعّال لتلقي شكاوى المواطنين؟
هل هنالك فرق تفتيش ميدانية تعمل على مدار اليوم؟
هل هناك عقوبات معلنة تطال التجار المتلاعبين؟
وهل يعلم المواطن إلى من يتوجه إذا واجه سلعة منتهية الصلاحية أو أسعارًا مضاعفة بلا سند؟

يرى مراقبون أن خطوات حكومة الولاية الأخيرة جريئة، لكن الجسارة لا تكفي إن لم تُترجم إلى ميدان الفعل. المطلوب رقابة صارمة، وإجراءات فورية، وتنسيق بين المحليات، وعودة الروح إلى جهاز حماية المستهلك ليصبح ذراعًا رقابية لا لافتة على الورق.

وفي الخلفية، لا بد من دور للحكومة المركزية:
حل أزمة الميناء وتسهيل مسارات الاستيراد، والضغط لضمان تدفق السلع الاستراتيجية، والتنسيق مع الولايات لضبط حركة البضائع بين المناطق، ومنع تسربها إلى السوق السوداء أو خارج الحدود.

أسواق ولاية الجزيرة – بكل ما تحمله من زخم سكاني وزراعي وتجاري – لا تتحمل المزيد من الفوضى.
والمواطن، الذي لم يتعافَ من أوجاع الحرب والانهيار الاقتصادي، لا يقوى على مجابهة سوقٍ يتعامل معه كفريسة لا كطرف في معادلة التنمية.

يا والي الجزيرة،
هذه رسالتنا في بريدك:
القرارات وُلدت، لكن ولادتها ستكون ناقصة إن لم تُفعّل وتُحرس وتُراقب.
والمواطن ينتظر من حكومته أن تنتصر له، لا أن تكتفي بإصدار التصريحات.
فهل تملك الولاية القدرة على إعادة الانضباط إلى السوق؟
وهل نشهد قريبًا عودة الأسعار إلى منطق العدالة، لا عبث التجار؟

الأمل معقود… لكن الوقت يضيق.ولنا معكم عودة سيدي الوالي من خلال عدت رسائل في بريدك ارجو ان تجد لها مساحة من الزمن للتعامل معها

أخبار اليوم
اخبار تهمك أيضا