30.7 C
Port Sudan
الأربعاء, سبتمبر 10, 2025

مرفأ الكلمات.. عثمان عولي.. تأجيل أم فشل.. رباعية السودان والخيبة السياسية الكبرى


في اللحظة التي علّقت فيها أنظار السودانيين على عواصم القرار، مترقبة بقلق واجتماع الرباعية الدولية حول السودان، جاءت الصدمة. ليس من نتائج الاجتماع، بل من عدم انعقاده أصلاً. مرة أخرى، تأجل اللقاء، وتبخرت الآمال. لكنّ السؤال الذي يفرض نفسه بلا مجاملة: هل ما حدث تأجيلٌ فعلاً؟ أم فشلٌ معلن وربما نذير بانهيار مشروع الرباعية برمته؟

الاجتماع الذي كان من المفترض أن يضم الولايات المتحدة، السعودية، مصر، والإمارات في واشنطن، لم ينعقد بسبب خلاف حاد بين القاهرة وأبوظبي، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية. خلاف، ليس حول التفاصيل الفنية أو الترتيبات اللوجستية، بل حول جوهر المسألة السودانية: من يملك شرعية قيادة المرحلة الانتقالية؟ ومن يجب أن يُستبعد؟ ومن يُراد له أن يبقى؟

الإمارات – بحسب مصادر دبلوماسية – دفعت باتجاه صياغة بيان يُقصي القوات المسلحة السودانية والدعم السريع معًا من أي ترتيبات سياسية انتقالية، وهو ما رفضته مصر بشدة. القاهرة، الحليف التقليدي للجيش السوداني، ترى أن إضعاف المؤسسة العسكرية هو تهديد مباشر لوحدة الدولة السودانية، وليس مجرد خلاف سياسي.

لكن خلف هذا التوتر المعلن تكمن معركة أجندات إقليمية أعمق. الإمارات، التي تتهمها تقارير أممية ودولية بتسليح الدعم السريع رغم الحظر المفروض على دارفور، تبدو وكأنها تريد حسم المعركة على طاولة السياسة بعد أن تورطت عسكريًا على الأرض. إنها تلعب بكروت الذهب، والنفوذ في البحر الأحمر، والسيطرة على معابر التجارة والسلاح.

في المقابل، ترى مصر – التي تشارك السودان شريان النيل والأمن الحدودي – أن انهيار الجيش السوداني يعني انزلاق البلاد إلى صوملة لا تنتهي، وتفككٌ يصعب إعادة لملمته. ومن هنا جاء رفضها القاطع لأي بيان يضع الجيش والدعم السريع في سلة واحدة.

فشل الرباعية إذن لم يكن إجرائيًا.. بل سياسيًا بامتياز.

ووسط هذا الخلاف الإقليمي، تقف واشنطن متذبذبة. إدارة بايدن سبق أن فشلت في عدة جولات تفاوضية عبر مسار جدة، وها هي الآن تعجز حتى عن جمع حلفائها في غرفة واحدة. أما تل أبيب – كما تشير تقارير أمنية – فتلعب خلف الستار، تدعم مساعي أبوظبي في استبعاد الجيش السوداني، ضمن مشروع لإعادة ترتيب النفوذ في البحر الأحمر والقرن الإفريقي.

أما السودان، فهو الغائب الحاضر.

تُدار الحرب فيه، وتُرسم مستقبله، من خارج حدوده. تُكتب بياناته السياسية في غرف مغلقة لا يجلس فيها سوداني واحد. ويتم التلاعب بمصيره كأنه رقعة في رقعة شطرنج إقليمية.

لكن الحقيقة الكبرى أن أي اتفاق سياسي لا يعكس توازن القوى الحقيقي على الأرض، ولا يحترم تضحيات الجيش والمواطنين، سيبقى مجرد بيان بلا روح، ومبادرة بلا مستقبل.

فماذا بعد؟

هل ننتظر سبتمبر على أمل انعقاد جديد للاجتماع؟

هل يمكن أن تذوب الخلافات بين القاهرة وأبوظبي؟

وهل تملك الرباعية – بهذا الانقسام – القدرة على تقديم حل؟

ربما، وربما لا. لكن الثابت أن السودان لا يُدار بالوصاية، وأن المعادلة التي تستبعد الجيش وتغازل مليشيا تلطخت أياديها بدماء الأبرياء، لن تصنع سلامًا، بل تُهيئ لحرب أطول وأشد.

خلاصة القول
الرباعية تأجلت، لكن الأزمة تتفاقم. ونزاع المصالح يشتد دون مرعاة للمواطن السوداني او مصالح السودان قطر
والسودان لا ينتظر مؤتمرات خارجية بقدر ما يحتاج إلى مشروع وطني يعيد بناء الدولة من الداخل، ويحمي ما تبقى من وطنٍ أنهكته النيران، وابتلعته مؤامرات الجغرافيا والسياسة.
ومن اولي الاوليات التفاف السودانين خلف القوات المسلحة كضامن للوحدة الوطنية وسدا منيعا ضد الاطماع الخارجية.
وتبقي انتصارات القوات المسلحة انتصارا للشعب السوداني

ويبقى السؤال مفتوحًا:
هل تأجيل الرباعية خطوة تكتيكية؟
أم إعلان مبكر عن موت مشروعها في مهده؟

أخبار اليوم
اخبار تهمك أيضا