لي بيتين.. العودة تاني
هكذا صدح بها كبار فناني السودان وصغارهم، ترنّ في الأذن مثل نداء القلب، وتخاطب الوجدان السوداني في لحظته الفارقة. لم تعد هذه الكلمات مجرد لحن أو شجن، بل تحوّلت إلى سؤال يطرق الأذهان كل صباح: متى العودة إلى الخرطوم؟
هذا السؤال لا يُوجَّه إلى الريح، بل إلى مجلس السيادة وحكومة الأمل، التي تنتظرها الخرطوم بلهفة وتفتح ذراعيها لاستقبالهم. فالخرطوم اليوم ليست كما كانت بالأمس، وقد تصدّى لنهضتها والي الولاية أحمد عثمان حمزة، الذي سُطّرت باسمه صفحات الكرامة في وجه المحنة. والي الخرطوم، الذي لم يغادر أرضها يومًا، ظل واقفًا في قلب العاصمة، يشهد الدمار ويقود الإعمار، يُعيد نبض الحياة إلى شوارعها ومؤسساتها، ويمدّ يده بيضاء للحكومة الاتحادية قائلاً: الخرطوم جاهزة.
ولعل أولى بشائر الانتصار في حرب التحرير تبدأ من هنا، من عودة الدولة إلى عاصمتها، ومن إشعار المواطن أن الوطن باقٍ، وأن الخرطوم باقية، وأن ما بعد الحرب بداية لعهد جديد. فالقوات المسلحة تواصل بسط سيطرتها على ميادين القتال، والانتصارات تتوالى، ليس فقط لتحرير الأرض، بل لبث الأمل في النفوس التي أنهكتها المليشيات في دارفور وكردفان.
أهلنا هناك ينتظرون اللحظة التي تدخل فيها القوات المسلحة إلى مدنهم وقراهم، لتخلصهم من قسوة التشريد وظلم الاستقواء. فالمعركة لم تكن فقط بالسلاح، بل في استرداد الكرامة، وتحرير الإنسان قبل الأرض.
العودة إلى الخرطوم ليست خطوة رمزية فحسب، بل هي إعلان انتهاء الفصل الأول من الحرب، وبدء فصول البناء، والإعمار، وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني. عودة مؤسسات الدولة تعني عودة الروح للإنتاج، وتعني أن الرأسمال الوطني يمكن أن يتحرك من جديد بثقة، فالدولة هنا.. والقيادة هنا.
ولعل أجمل ما في هذا المشهد، أن والي الخرطوم لم يكتفِ بالكلام، بل قدّم النموذج في الثبات، في العطاء، في البناء. ظل إلى جوار المواطن، يُداوي جراحه، ويشعل شمعة في كل زاوية أطفأتها الحرب.
فيا حكومة الأمل.. لي بيتين العودة تاني.
والخرطوم، كما الوطن، تناديكم.. فهل من مُجيب؟

