26.8 C
Port Sudan
الإثنين, أكتوبر 27, 2025

مرفأ الكلمات.. عثمان عولي.. ديك العِدّة… لا يصيح إلا على الماضي!



في كل مرة يشتد فيها الحريق في السودان، ويعلو الدخان من أجساد المدنيين المحترقة، يخرج علينا “ديك العدّة” الفرنسي بصياحه المعتاد: “سلّموا البشير”! وكأن مفتاح العدالة والسلام المستدام في السودان، لا يوجد إلا في قفص المحكمة الجنائية الدولية، حيث يقف الزمان عند عام 2009!
المسؤول الفرنسي الذي تحدث مؤخرًا عن “ضرورة تسليم البشير وبعض رموز نظامه”، لم يرف له جفن وهو يشاهد السودانيين يُقتلون منذ أكثر من عام، بأسلحة غربية الصنع، وذخائر مرّت من تحت عباءاتهم الدبلوماسية. لم نسمع منه حديثًا عن ضحايا الجنينة، ولا عن المجازر في بحري ونيالا وود مدني. لم نره يطالب بمحاكمة قادة الميليشيات الذين اغتصبوا النساء ونهبوا الممتلكات، بل ظل يردد: “نطالب بتعاون الخرطوم مع المحكمة”، وكأنها نشرة مسجلة لا تتغير بتغيّر فصول المأساة.
العدالة في زمن الكيل بمكيالين
دعونا نُذكّر هذا “الديك” ومن يقف خلفه، بأن الشعب السوداني لا يعيش اليوم في ظل نظام البشير، بل في جحيمٍ يومي، صنعته حسابات خارجية، ومصالح دولية، وصمت دولي مريب. العدالة التي تتحدثون عنها لا يمكن أن تكون انتقائية. لا يمكن أن تطلبوا محاكمة رئيس سابق، وتتجاهلوا القتلة الحاليين الذين يحرقون المدن ويُجَوِّعون الملايين.
ولنكن صريحين، فإن المحكمة الجنائية التي تُلوّحون بها لم تُستخدم يومًا إلا كعصا في وجه الزعماء الأفارقة، متى ما قرر أحدهم الخروج عن طوق النفوذ الغربي، أو فكر في أن يحكم شعبه بثروته لا بثرواتكم. نعم، هناك ضحايا يستحقون العدالة، لكن العدالة لا تكون بالمقايضة، ولا تصل متأخرة على ظهر شعارات مهترئة.
دعونا نُخمد نار اليوم… قبل أن ننبش رماد الأمس
السودان اليوم لا يحتاج إلى تذكيره بمن غادر القصر، بل من أحرق القصر، ومن يواصل حرق المدن والقرى، ومن حوّل شعبًا كريمًا إلى لاجئٍ في كل أصقاع الأرض. الأولوية ليست لمحاكمة البشير، بل لمحاكمة كل من يرتكب جرائم حرب اليوم، هنا والآن، وتحت كاميراتكم التي لا تغفل.
أما بعد أن تُخرسوا البنادق، وتُغلقوا خطوط التهريب، وتوقفوا التمويل، وتساعدوا السودانيين على إعادة بناء وطنهم، فحينها يمكنكم أن تعودوا بملف المحكمة إن شئتم. أما الآن، فصياح ديك العدة لا يوقظ عدالةً، ولا يطفئ نارًا. وايديكم ملطخة بدماء الابرياء في افريقيا
عن اي عدالة تتحدثون
وانتم بلا اخلاق او قيم .

أخبار اليوم
اخبار تهمك أيضا