27.3 C
Port Sudan
الثلاثاء, أكتوبر 28, 2025

مرفأ الكلمات.. عثمان عولي.. سودانير… هي أقدلي وسكتي الخشامة


في زمنٍ تعصف فيه رياح الحرب، وتُطوِّق الأزمات عنق الوطن من كل جانب، تنهض “سودانير” – بطائرتها وطاقمها وعزيمتها – من بين الركام، رافعة راية الوطن، ملامسةً عنان السماء، مشرعة جناحيها نحو مدن العالم، وكأنها تقول: “ما زلنا هنا… نحلّق من أجل السودان.”
تضج صفحات الميديا بخبر كاد أن يفتت القلوب: “سودانير ستتوقف عن ملامسة السماء”… لكن الواقع يرد بقوة، فالصورة على الأرض أبلغ من كل الكلمات. وها هو مطار بورتسودان يستقبل أولى رحلات العودة الطوعية من سلطنة عمان، تقلّ على متنها 145 راكبًا، بتنسيق مشترك بين الخطوط الجوية السودانية، وسفارة السودان هناك، وجهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج. ليست مجرد رحلة، بل صفحة مضيئة في دفتر العودة، وأملٌ يشرق وسط العتمة.
وفي الوقت الذي لم تكن الرحلات من مطار القاهرة تتجاوز ثلاثًا في الأسبوع، ها هي سودانير تعيد جدولة خطوطها لتصبح رحلة يومية، في خطوة تؤكد أن الناقل الوطني عاد ليتصدر مشهد إعادة الإعمار، ناقلًا أبناء الوطن بأقل التكاليف، حاملاً معهم الأمل، وأحلام العودة، وأدوات البناء.
ومن داخل الطائرة، وأنا أغادر “قاهرة المعز”، كان قلبي يخفق شوقًا للوطن… وطنٌ لم يغادر مخيلتي يومًا. وبين جدران سودانير، كان الطاقم يحملنا على بساط من محبة، يهدينا الأمان، ويرافقنا بأشواقه وأشواقنا. كابتن الطائرة يرتفع بنا نحو السماء، والمضيف زين العابدين بصوته المطمئن ينقل إلينا فرح الطاقم، بأننا على متن الناقل الوطني… الخيار الأول والوحيد لمن يريد إعمار السودان ودعم مؤسساته.
لم تعد سودانير مجرد شركة طيران. لقد أصبحت جزءًا من مشروع وطني كبير، لإعادة بناء السودان، وتحريك عجلة الإنتاج والتنمية. فكما أن الحرب دمار، فإن الطيران حياة… هو الشريان الذي يعيد الوطن إلى قلب الخريطة.

كابتن مازن ورفاقه – من الطيارين، والمهندسين، والمضيفين، والإداريين – يسطرون كل يوم ملحمة من العطاء، يعملون بصمت، وبإيمانٍ عميق، أن “سودانير” ليست مجرد شركة… بل قضية وطن. ونحن نحدث كابتن سامي الكباشي
عيني باردة عليكم، وما قلت إنكم “خلية نحل” إلا لأنني رأيت فيكم نبضًا حيًّا، ونشاطًا لا يعرف الكلل، وأرواحًا لا تستسلم للمستحيل. كتبت هذه الكلمات، وأنا أردد في سري: “ما شاء الله… تبارك الله.”
سودانير… هي أقدلي وسكتي الخشامة.

أخبار اليوم
اخبار تهمك أيضا