33.8 C
Port Sudan
الأربعاء, سبتمبر 10, 2025

مرفأ الكلمات.. عثمان عولي.. معركة المثلث القادمة: حسابات النار والحسم



يبدو أن الرياح في شمال السودان بدأت تحمل نذر معركة مصيرية، عنوانها “المثلث”، ومضمونها تجاوز الجغرافيا إلى عمق الاستراتيجية الإقليمية. فبعد أن تمكنت مليشيات الدعم السريع، مدعومة من قوات خليفة حفتر، من التمركز في منطقة المثلث الحدودية، باتت تهديداتها تطال الولاية الشمالية، وتضع فك حصار الفاشر وتحرير كردفان في مهب التأجيل.
لكن خلف هذه الصورة الظاهرة، تقف القوات المسلحة السودانية بقراءة مغايرة. فبحسب معلومات استقصائية موثوقة، فإن القوة المتمركزة حالياً في المثلث لا تتعدى كونها ارتكازات هشة، لا ترقى إلى قوة ضاربة أو حتى قاعدة إمداد فعالة، وهو ما جعل القيادة العسكرية تضع هذه المنطقة ضمن أولوياتها الاستراتيجية المقبلة.
القوات المسلحة لا تتعامل مع المعارك بردود الأفعال، بل تخوضها بتخطيط طويل النفس. تدرك تماماً حجم التدخلات الأجنبية، والدور التخريبي لدولة الإمارات من خلال دعمها السخي وغير المحدود لمشروع تفتيت السودان، عبر بوابة محمد بن زايد وأذرعه في ليبيا واليمن. كل هذا تحت مراقبة دقيقة من استخبارات الجيش، التي باتت تعرف جيداً متى تضرب، وكيف.
في تكتيك أقرب لما يسميه السودانيون بلغة الشارع بـ”لعبة الكُتشينة – خم الولد”، تعمل القوات المسلحة على استدراج كامل قوات العدو إلى ساحة واحدة. فالهدف ليس مجرد استعادة المثلث، بل خوض معركة حاسمة تُنهي مشروع الدعم السريع، وتُسقط ورقة المليشيات مرة واحدة وللأبد.
تجربة معركة “صالحة” تقف شاهدًا، حين أُجل الهجوم بذكاء، ثم نُفّذ في لحظة حاسمة، أكسبت الجيش ليس فقط السيطرة الميدانية، بل كمية كبيرة من العتاد والتقنية العسكرية. واليوم، السيناريو يعاد ترتيبه – ولكن على نطاق أشمل.
المعركة المقبلة ليست فقط ضد قوات الدعم السريع، بل ضد مشروع كامل، يتغذى من أطماع إقليمية، ويُموّل بسخاء من دويلة تحاول أن تلعب دور الإمبراطور في منطقة لم تهضم بعد استعمارها الأول. لكن ما تغفله أبوظبي ومن معها، أن السودان ليس ساحة خاوية، وأن جيشه، رغم الجراح، لا يزال متمسكًا بعقيدته وبدولته.
وإذا كانت الحرب في الشرق الأوسط – بين إيران وإسرائيل – قد أشعلت المنطقة وأربكت الأولويات، فهي أيضاً تمثل فرصة للقوات المسلحة السودانية، فالداعمين مشغولون بأنفسهم، والموارد التي كانت تُدفع بسخاء للمليشيات، باتت تعاد حساباتها.
الساعة تقترب من لحظة الحسم، والمعركة الفاصلة في شمال السودان على الأبواب. ويبدو أن محمد بن زايد، ومن معه من أمراء المشاريع العبثية، سيُجبرون على تجرّع مرارة الهزيمة، في معركة لن تكون فقط عسكرية، بل سياسية وتاريخية بكل المقاييس.

أخبار اليوم
اخبار تهمك أيضا