في لحظة فارقة من تاريخ الشرق الأوسط، انطلقت شرارة صراع غير مسبوق حين شنت إسرائيل هجوماً مباشراً على منشآت إيرانية يُشتبه بأنها مرتبطة ببرنامج طهران النووي. وردّت إيران، سريعًا وبقوة، بضربات صاروخية طالت أهدافًا إسرائيلية حساسة، بعضها في قلب الأراضي المحتلة. هذا التصعيد، الذي فاجأ العالم، حوّل الخلاف المزمن بين الجانبين من حرب “بالوكالة” إلى مواجهة شبه مباشرة، أشعلت فتيل حرب قد تكون الأكثر خطورة منذ عقود.
من الاستهداف التكتيكي إلى القلق الاستراتيجي
لم تكن الضربة الإسرائيلية مجرد عمل عسكري تقليدي. بل كانت جزءًا من استراتيجية ممنهجة لمنع إيران من بلوغ “العتبة النووية”، في وقتٍ تشير فيه تقارير دولية إلى أن طهران باتت أقرب من أي وقت مضى إلى امتلاك قدرة نووية. في المقابل، ردّت إيران على الهجوم بأسلوب متكامل: صواريخ دقيقة، هجمات سيبرانية، وتفعيل حلفائها في سوريا ولبنان والعراق، وهو ما رسم مشهدًا حربياً مفتوح الاحتمالات.
تكنولوجيا الحرب… من الحديد إلى الذكاء
اللافت في هذه الحرب أنها قد تشكّل أول مواجهة كبرى في الشرق الأوسط تُدار بشكل شبه كامل عبر التكنولوجيا المتقدمة. الطائرات المسيّرة، الأنظمة الدفاعية الذكية، الهجمات الإلكترونية، وتعطيل الأقمار الصناعية… كلها باتت أسلحة فاعلة في الميدان. ومع ازدياد شدة المواجهة، بدأ العالم يطرح السؤال الأخطر: هل تقف الحرب عند هذا الحد؟ أم أننا على مشارف استخدام أسلحة الدمار الشامل؟
شبح “النووي”… والعودة إلى معادلة الرعب
إسرائيل لم تخفِ يومًا أنها تحتفظ بـ”خيار نووي”، غير معترف به رسميًا. أما إيران، فرغم نفيها المستمر للسعي نحو التسلح النووي، إلا أن التطورات الأخيرة دفعت كثيرين للتشكيك في حقيقة أهدافها. وإذا ما خرج الصراع عن السيطرة، فإن احتمال انزلاق الطرفين نحو “معادلة الردع النووي” قد يتحول من احتمال نظري إلى واقع كارثي. الأسوأ من ذلك: الحديث المتزايد عن استخدام أسلحة بيولوجية أو كيميائية في حال انهيار الخطوط الحمراء.
هل ينقسم العالم؟ المعسكرات تعود من رماد الحرب الباردة
تتوزع مواقف الدول حاليًا بين داعم، ومتفرج، وقلق. الولايات المتحدة وبريطانيا تقفان في خندق إسرائيل، في حين تُظهر الصين وروسيا تعاطفًا – وإن كان محدودًا – مع الموقف الإيراني. أما الدول العربية، فتجد نفسها بين المطرقة والسندان: لا تؤيد إيران، ولا تطمئن لإسرائيل. وإذا استمر التصعيد، قد يشهد العالم انقسامًا جديدًا يعيد تشكيل النظام الدولي، ويستحضر معسكرات الحرب الباردة بصيغة أكثر خطورة وتعقيدًا.
العالم أمام مفترق طرق
في هذه المرحلة الحرجة، لا يمكن لأي محلل أو صانع قرار أن يجزم بالنهاية. فإما أن تعود الأطراف إلى طاولة التفاوض بفعل ضغوط دولية هائلة، أو أن تتدحرج كرة النار لتخرج عن السيطرة، فتغرق المنطقة — وربما العالم — في فوضى لا يمكن تصورها، حيث لا منتصر حقيقي، بل خاسرون بالجملة.
سؤال مفتوح… ونهاية غير مكتملة
هل تتوقف الحرب عند هذا الحد، أم أننا على أبواب عصر جديد من الصراعات التي لا تنتهي؟ هل نشهد بداية حرب عالمية “باردة ساخنة”، أم تنجح الدبلوماسية — ولو متأخرة — في تطويق النيران؟
أسئلة كبرى تبقى معلقة… في انتظار حدث مفصلي، أو ربما خطأ قاتل.