30.5 C
Port Sudan
الأربعاء, سبتمبر 10, 2025

مرفأ الكلمات.. عثمان عولي.. شكرًا مصر… حتى لا نصطاد في الماء العكر



وسط ضجيج وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشار مقاطع الفيديو والتعليقات المتباينة، يبرز صوت العقل والضمير ليقول كلمة حق: “شكرًا مصر”.
أقولها صادقًا، من القلب، لا مدفوعًا بمجاملة ولا موجهًا برسائل سياسية. أقولها لأنني عشت في هذا البلد، واختلطت بشعبه، وعرفت مصر عن قرب، لا من خلف الشاشات.
انتشر مؤخرًا فيديو لمشاجرة بين بعض من رعايا دولة جنوب السودان ومواطنين مصريين. الحادثة، وإن كانت مؤسفة، تظل في نطاق الحوادث الفردية التي لا تمثل لا الشعب المصري، ولا الشعب السوداني شمالًا أو جنوبًا. حوادث الشجار تحدث في كل المجتمعات، حتى بين أبناء الوطن الواحد. ألم يهز الرأي العام المصري مؤخرًا حادث مقتل مدرب جيم مصري على يد أبناء بلده؟ إذن، فمثل هذه الحوادث ليست مقياسًا لمدى تحضر الشعوب، بل انعكاس طبيعي لتفاعلات بشرية يومية.
العلاقة بين شعوب وادي النيل ليست علاقة ضيافة فقط، بل علاقة دم وتاريخ وثقافة وجغرافيا. ما يجمع السودانيين والمصريين فمصر شريك حقيقي في عودة السودان كدولة موحدة وفي السلام والاعمار مابعد الحرب وكل هذا أكبر من حادثة فردية، وأعمق من تعليق عابر. نحن، السودانيون، شمالًا وجنوبًا، نكن لمصر وشعبها احترامًا كبيرًا، لأنها كانت – ولا تزال – الحضن الدافئ الذي لجأت إليه شعوب عربية وأفريقية في أوقات الشدة. مصر التي احتضنت أهل فلسطين، ووقفت إلى جانب السوريين، وفتحت أبوابها لليبيين، واحتضنت السودانيين دون منٍّ ولا أذى.
ما خرج من بعض الأشخاص من إساءات لفظية عبر الفيديوهات لا يمثل المجتمع المصري الأصيل، كما أن من تورط في الحادثة من الشباب لا يمثل الشعب السوداني بأخلاقه وثقافته. يجب أن نتعامل مع هذه الأحداث بوعي، لا بانفعال،وان مايجمعنا اكبر ممايفرقنا وهي علاقة استراتيجية وعلاقة شعب واحد في دولتين نتقاسم الهم الواحد وأن نغلق الباب أمام من يريد الاصطياد في الماء العكر، وإثارة الفتن بين الأشقاء.
أهمس في أذن أحبتي من السودانيين: أنتم ضيوف في بلد كريم، فاحترموا مقام الضيافة، كما تحبون أن تُحترموا في دياركم. مصر لم تكن يومًا بلدًا غريبًا علينا، بل هي وطن ثانٍ. ومن أساء إليكم، لا يمثل 105 ملايين مصري، كما أن من أساء من بيننا لا يمثل عشرات الملايين من السودانيين الشرفاء.
وكما يقول مثلنا السوداني: “من كثرة عقولنا ما اتعرفت أصولنا”. بمعنى أن أفعالنا وسلوكنا هي التي تعكس من نحن، وهي ما تجعل الآخر يقدّرنا ويحترمنا. دعونا نكون على قدر هذا التاريخ والجوار والإنسانية المشتركة.
شكرًا مصر…
شكرًا لشعبها، ولحكومتها، ولكل من فتح قلبه قبل بيته لنا.
ودمنا جميعًا، أبناء النيل، إخوة متحابين، متعاونين، نواجه الشدائد معًا ونبني السلام يدًا بيد.

أخبار اليوم
اخبار تهمك أيضا