30.5 C
Port Sudan
الأربعاء, سبتمبر 10, 2025

مرفأ الكلمات.. عثمان عولي.. أول معارك رئيس الوزراء الجديد: مواجهة الفساد في إدارة الحج



بعد ما شهدناه من تصاعد الأصوات المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الإخفاقات التي حدثت في موسم الحج لهذا العام، وخصوصًا في إدارة الحج، تجد أن الأمر قد أثار ردود فعل واسعة في الشارع السوداني، حيث انتشرت الفيديوهات التي توثق المعاناة وتفشي المشكلات. وقد طالب الكثيرون بمحاكمة المسؤولين ومعاقبتهم على ما حدث، خاصة بعد التقارير التي تحدثت عن سوء التنظيم.
ومع ذلك، نجد أن الدكتور كامل إدريس، رئيس الوزراء السوداني، قد بدأ بالفعل بتوجيه جهود واضحة للتحقيق في هذه القضية، حيث أعلن عن تشكيل لجنة تحقيق مختصة للتقصي حول ما إذا كان هناك شبهات فساد في إدارة الحج. ومن خلال اتصالاته مع المسؤولين السعوديين، أظهر الدكتور إدريس التزامه التام بإيجاد الحقيقة وراء هذه الأزمات.
ورغم ثقتي الكبيرة في جهود رئيس الوزراء، لا أستطيع إلا أن أؤكد على ضرورة عدم تجريم أي شخص قبل أن تكتمل نتائج التحقيقات. كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حادثة الزنا: “لا يُجرم الناس لمجرد ظهور بينة واحدة”. هذا المبدأ يجب أن يسود في جميع الحالات، حتى ولو كانت الشكوك قائمة حول وجود فساد. ففي بعض الأحيان قد تكون هناك أسباب أخرى غير فساد، مثل خلل إداري أو ضعف تنسيق أو حتى فشل في التخطيط.
في موسم الحج الماضي، على سبيل المثال، وردت شكوى من أحد الحجاج السودانيين تفيد بعدم قدرته على النوم أو الراحة في مسكنه بسبب استضافة بعض الحجاج السودانيين لذويهم من حجاج الداخل الذين يتسللون للحج بطريقة غير قانونية، مما خلق نوعًا من الفوضى في تنظيم الأماكن المخصصة للإقامة. كما يمكن أن تكون معرفة بعض المسؤولين بالإجراءات الإدارية ضعيفة، مما يسبب خللاً إضافيًا في سير العمل، خصوصًا عندما ينشغل المسؤولون (امراء الافواج) بالمشاعر والمناسك، مما يؤدي إلى ربكة في التنسيق والتنظيم.
لكن، ومن دون التسرع في الحكم على إدارة الحج في هذا العام، من المهم أن نترك اللجنة تقوم بعملها بعيدًا عن الأحكام المبدئية. ربما تكشف التحقيقات عن ضعف تنسيق، أو قصور في التخطيط، أو حتى مشاكل ناتجة عن ظروف غير متوقعة.
هذه اللجنة، بقيادة الدكتور كامل إدريس، تمثل خطوة هامة نحو محاربة الفساد بكل أشكاله داخل وخارج السودان. وهي أيضًا فرصة لبناء علاقة طيبة بين المواطن السوداني والحكومة الجديدة، والتي تسعى لتقديم الحلول الواقعية للمشكلات الحالية. إن هذا الملف هو من أولويات الحكومة، خاصة في هذا التوقيت الذي نحتاج فيه لبناء دولة القانون والمواطنة.
وفي النهاية، أستذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: “رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”، وهو جهاد النفس. حرب الكرامة ما تزال مستمرة، ولكننا نحتاج الآن إلى أن تكتمل هذه الانتصارات بمواجهة الفساد وبناء دولة قوية تحكمها القوانين وتنعم بالعدالة والمساواة.
بالتأكيد، مع عزم الحكومة على محاربة الفساد، فإن السودان سيعود إلى مكانته التي يستحقها، كدولة عظيمة ذات إرادة قوية ومواطنة صادقة، لتستمر في تعزيز الاستقرار في كافة المجالات، سواء في الميادين العسكرية أو الاقتصادية.

أخبار اليوم
اخبار تهمك أيضا