وكأنه رجل يستلهم حياته من وحي الحديث النبوي الشريف “إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بأخلاقكم”، لذلك فإن وجود مولانا أحمد محمد صالح، مدير الزكاة بمحلية الرهد حالياً، وقبلها في دوكة وود الحليو بولاية القضارف، كان يصنع عيداً مختلفاً، وحراكاً لا يمكن أن تجده إلا في وجود السلطان، وهي حكايات يمكن لك أن تلمسها على أرض الواقع، حين يسير الرجل في الصباحات والنهارات والأمسيات، يتفقد الناس، ويقف على احتياجاتهم، ويقضي حوائجهم بالعلن والكتمان، ثم يجمعهم في كل مكان ليقول إن الزكاة جاءت لأجل هذا، ولأجل أن ترسم هذه البسمة في شفاه المحتاجين والفقراء والمساكين، رحمة من رب السموات، كلف بها خلفاء الأرض ليكونوا موزعين لعطاء الله من خزانة الأغنياء للفقراء، ولتزيل المواجد في النفوس، وذلك مال الله يكلف به من يشاء ليوزعه على الناس..!!
لم يكن السلطان أحمد صالح مجرد موظف دولة في ديوان الزكاة، فهو رجل يشعرك أن مهمته رسالية في المقام الأول قبل أن تكون تكليفاً أو تشريفاً، هو يضع إلى جانب مهامه الرسمية العديد من الرسائل التي يسعى أينما وجد إلى تنزيلها واقعاً يلامسه الناس، ومن خلال تجاربه المختلفة في ود الحليو ودوكة والرهد، ظل أحمد صالح السلطان يسعى بين الناس بالخير، ويكون الخيط الذي يجمع حبات المسبحة ويأبى أن تنفرط إحداها فيتشتت البقية، لذلك فهو يقف بتواضعه الجم، يستمع إلى النساء والأطفال والشيوخ، ويطبطب على أوجاع المحتاجين، ويمسح الدمعة لتحل مكانها الابتسامه، ولعله رجل نسي باب مكتبه طريقة القفل، فهو باب مفتوح للجميع دون تكلف عناء المرور بالسكرتارية وأسئلتها الطويلة، لأنه يدرك في قرارة نفسه أن الله تعالى سخره في هذا المكان للناس وليس عليهم، ولن يكون وجعاً جديداً في قائمة احتياجات المواطن البسيط.
ذات صباح كانت القافلة تقل الناس إلى الحدود الأثيوبية، حيث قرية مهلة وقرى الشريط الحدودي، وكان أحمد السلطان في تلك الأيام مهموماً بالوصول إلى هناك، يجهز كل شيء من أجل أن يصل الناس هناك، ويوصل صوت القرى البعيدة إلى حكومة الولاية، فكان والي القضارف حينها في مقدمة الركب، وكان ديوان الزكاة حاضراً يمد يده خضراء إلى الناس، ولشد ما كان استقبال السلطان في تلك المناسبة عظيماً، فهو يعرف الناس ويعرفونه، ويحترمهم ويحترمونه، ولن تجد صعوبة في اكتشاف تواصل قديم ومحبة بينهما بأشياء لم يراها أحد ولكنك تستطيع أن تشعر بها في عيون ممتنة وشاكرة لهذا الوصول، وهذا الحشد الكبير الذي تدفعه المحبه لا التكلف، وحينها ستكتشف فقط، ماذا فعل سلطان الزكاة وذكاؤه في جعل الناس على قلب رجل واحد باختلاف السحنات والألوان والمشارب، فذكاء السلطان جعل الناس لحمة واحدة، ومجتمع واحد يعمل جميعاً للتنمية والنماء..!!
ثم كانت محلية الرهد، وكعادة السلطان، فقد استغرق زمناً يدرس المجتمع واحتياجاته، ويضع خطوطاً عريضة للخطط والبرامج، ويجمع الناس من حوله لإنجاح كل خطوة قادمة، ثم ما لبث أن كان الحدث الكبير، حينما مدت الزكاة يدها تدعم العديد من القرى في محلية الرهد وهي تعاني في منحى من مناحي الحياة، لم يكن الأمر مجرد حديث يقال، ولكن كان تسليم الدعم أمام أعين الناس وبحضور أعيان القرى، فاستلموها أمام الجميع وغادروا مستبشرين بهذا الرجل وهذا العطاء، وحينها وقف السلطان ليؤكد أن هذا رداً لجميل تلك القرى التي كانت يدها دائماً العليا، وظلت تقدم الدعم كلما نادى المنادي، ليزيد ذلك من فخر الأعيان بقراهم، ويتسلموا المعينات معززين مكرمين بذكاء السلطان أحمد محمد صالح..!!
وكانت الدورات المختلفة لتأهبل شباب وشابات محلية الرهد في مختلف المهن والمجالات، فالسلطان يدرك أن مهنة في اليد أمان من الفقر، وتلك فلسفته التي ظل يتحول بها من محلية إلى أخرى، قالسلطان أحمد صالح، لا يعطيك السمكة، بل يعلمك كيف تصطادها لتكون سنداً لنفسك وللآخرين، وليس نهباً لرغبات الناس أعطوك أو منعوك، وفي الدورات تخرج المئات من الشباب والشابات، وهم الآن في سوق العمل يكدحون في السوق من أجل لقمة العيش الكريمة، وغداً سيكونون مورداً للزكاة بعد أن كانوا ينتظرون أن يكونوا مصرفاً من مصارفها..!!
وما بين الزواج الجماعي بإستاد الحواتة، وبين حقول الذرة والسمسم كان الناس يطوفون هناك، وينظرون إلى إنجازات هذا الرجل النحيل، وإلى عقليته الكبيرة التي منحت النساء في المنطقة هذه المشاريع ومولتها ووقفت عليها حتى شمخت قناديلها تعانق السماء، شكراً لله على هذا العطاء غير المحدود، وبين مستشفى الحواتة وهو يتعافى بفضل الصيانة والمعدات التي تكفل بها الديوان وبين التناغم الكبير الذي يعيشه المسئولون في المحلية، وكلهم يهدف إلى رفعة وتنمية وبناء إنسان المحلية هناك..!!
يبقى السلطان أحمد محمد صالح منارة سامقة، وفكراً يهتدي به الآخرون في بناء المجتمعات، وفي جعلها منظومة واحدة تعيش وتتعايش دون فوارق، ويبقى ديوان الزكاة هو الضامن لغسل القلوب من درن الطبقات، كيف لا، ورجل مثل السلطان أحمد صالح يقود قافلتها ويصل بها إلى بر المحبة والأمان..!!

