منذ أن تسلّم والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة مهامه، أثبت للرأي العام أنه رجل المرحلة، بصبره وصموده خلال أحلك فترات الحرب، وبجهوده الجبارة في ما بعدها، وهو يتحرك بثبات صوب استعادة وجه الخرطوم الجميل، لا كما كانت فحسب، بل كما يجب أن تكون: من أجمل عواصم الدنيا.
ولأن الوالي يمد يده للجميع، وينفتح قلبه وعقله لتلقي الرأي والمشورة، رأينا أن نضع بين يديه هذه الرسالة التي تنبع من محبة صادقة للعاصمة ومن حرص على مستقبلها البيئي والإنساني.
لقد لفت نظرنا – كما لفت نظر كثير من المواطنين الغيورين – التعدي المؤسف والمتواصل على الأشجار والمساحات الخضراء في ولاية الخرطوم، وعلى وجه الخصوص ما يحدث في غابة السنط والحديقة الدولية، وهما من آخر المتنفسات الخضراء في مدينة أكلها التمدد الخرساني والزحف الإسمنتي.
التعدي على الأشجار في غابة السنط، وهي واحدة من أهم المحميات الطبيعية وممرات الطيور المهاجرة، لا يمثل فقط تهديدًا للبيئة وإنما اعتداء على جماليات الخرطوم ورئتها التي تتنفس بها. أما ما يجري في الحديقة الدولية فكارثة بيئية بكل المقاييس:
أفراد متفلتون، بلا وازع من ضمير، يستخدمون المناشير لقطع الأشجار نهارًا جهارًا، وينقلون الأخشاب في عربات “كواري” على مرأى من الناس، دون أي تدخل يردع أو يحاسب.
هذه ليست فقط مخالفة، بل جريمة بيئية مكتملة الأركان. وهي اعتداء على حق الأجيال القادمة في أن ترث مدينة خضراء، تتنفس فيها أرواحهم ويجدون فيها فسحة من الجمال والطمأنينة.
من هنا، نطلق نداءنا العاجل إلى سيادتكم، والي ولاية الخرطوم:
إصدار توجيهات فورية للجهات الأمنية المعنية بوقف هذا العبث بشكل عاجل.
فتح تحقيق شفاف لمعرفة من يقف خلف هذا التخريب المنظم.
تأمين الحديقة الدولية وغابة السنط بأسوار أو كاميرات مراقبة، وتفعيل وجود الحراسة الدائمة.
إطلاق حملة توعية شعبية تعزز من قيمة الحدائق والأشجار في وجدان الناس.
تفعيل دور المواطن في حماية البيئة عبر التبليغ، تحت شعار: “الأمن البيئي مسؤولية الجميع”.
سيدي الوالي، إن حماية الخرطوم الخضراء ليست ترفًا ولا رفاهية، بل أولوية قصوى، وحق أصيل لكل مواطن، وموقف وطني وأخلاقي تسجله الأجيال في دفتر الإنجاز.
ولأننا نثق في استجابتكم، ننتظر منكم أن تكونوا حارس الخضرة الأخير… وصوت الأشجار التي لا تستطيع أن تصرخ!