30.5 C
Port Sudan
الأربعاء, سبتمبر 10, 2025

مرفأ الكلمات.. عثمان عولي.. آخر فصول المهزلة

منذ اندلاع الحرب في السودان عام 2013، حين بدأت مليشيا الدعم السريع محاولتها اليائسة للانقلاب على الجيش الوطني واستلام السلطة بالقوة وفرض سياسة الأمر الواقع، دخل الوطن في نفق مظلم من الخيانة والخذلان. لم يكن أحد يتوقع أن تتحول جهة أنشئت ظاهريًا لحماية البلاد إلى خنجر مسموم في خاصرة الدولة، مدجج بالعدة والعتاد، ومحاط بتضليل إعلامي، ومستند إلى تمركز مدروس في الخرطوم وعدد من الولايات.
خرج علينا حينها رئيس مجلس السيادة بتصريح شهير مفاده أن الجيش والدعم السريع “كيان واحد لا يقبل التجزئة”، وهو ذات ما ردده قائد المليشيا المنحلة محمد حمدان دقلو، وكأن الأمور تسير على ما يرام، بينما كانت نيران الخيانة تشتعل تحت الرماد.
وفي الخامس عشر من أبريل، سقط القناع. ظهرت المليشيا على حقيقتها، وانكشفت نواياها الاستئصالية، لتضع الشعب السوداني أمام كارثة حرب عبثية شاملة، بدأت بمشهد مرعب لمحاصرة القيادة العامة ومحاولة اجتياح العاصمة، فظن الناس أن الكفّة قد رجحت للمليشيا.
لكن الجيش، رغم المباغتة، صمد وبدأ في الرد. من الأيام الأولى العصيبة إلى المعارك الضارية، ومن تحرير سنار والجزيرة ونهر النيل حتى القضارف، ظل الجيش يحقق انتصارات ميدانية، مستعيدًا سيادة الدولة شبرا شبرا. واليوم، تتحرك القوات المسلحة من غرب السودان لاستكمال مهمة التحرير، ولتُسدل الستارة على آخر فصول هذه المهزلة.
يُثار تساؤل مهم: هل غرب السودان حاضنة اجتماعية لمليشيا الدعم السريع؟ والجواب، بكل وضوح، لا. ما يسمى بالدعم السريع ليس إلا تجمعًا من المرتزقة وقطاع الطرق ومن لا خُلق لهم ولا دين. لا يمثلون القبائل الشريفة في دارفور ولا يعكسون نبض المجتمعات الأصيلة في الجنينة ونيالا وكُتم والفاشر.
لقد أكد لي إخوتي من هناك، من مختلف المكونات، أن المليشيا لا تمثلهم. بل إنها استخدمت سياسة الرشوة والترهيب لتصطنع الولاء وتغتصب الشرعية. وكلما اقترب الجيش من هذه المناطق، تنكشف الحقيقة: المواطنون يقفون خلف القوات المسلحة، يفرحون بقدومها، ويأملون الخلاص من قهر المليشيا وبطشها.
إن المليشيا، التي ادعت زيفًا أنها نابعة من هذه الأرض، جلبت معها الفساد والدمار، وتركت خلفها إرثًا من الذل والإهانة. لكن صبر الشعب السوداني لن يضيع سدى، والعدالة آتية لا محالة، وسيسقط القناع عن كل متواطئ ومخادع.
وها نحن الآن على أعتاب النهاية… نهاية فصل مؤلم في تاريخنا، وبداية عهد جديد، يُكتب فيه المجد بدماء الأبطال وتضحيات الصامدين.

وإن غدًا لناظره قريب.

أخبار اليوم
اخبار تهمك أيضا